كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا مَرَّ مِنْ الْإِذْنِ فِي الِاسْتِخْلَافِ عَنْهُ، أَوْ عَنْ الْإِمَامِ أَيْ: الْخَلِيفَةِ، أَوْ يُطْلَقَ. اهـ.
وَأَقُولُ فِي هَذَا كُلِّهِ نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ بِنَاؤُهُ عَلَى مَا مَرَّ آخِرَ الْبُغَاةِ مَعَ بَسْطِهِ أَنَّ الْخَلِيفَةَ إذَا ضَعُفَ بِحَيْثُ زَالَتْ شَوْكَتُهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ إلَّا رَسْمُ التَّوْلِيَةِ بِإِذْنِهِ تَبَرُّكًا بِهِ؛ إذْ لَوْ امْتَنَعَ مِنْهُ أَجْبَرُوهُ عَلَيْهِ، أَوْ أَتَوْا بِغَيْرِهِ مِنْ بَنِي عَمِّهِ وَوَلَّوْهُ، ثُمَّ يُوَلِّي السُّلْطَانُ كَمَا وَقَعَ نَظَائِرُ لِذَلِكَ، فَإِنْ قُلْنَا بِبَقَاءِ عُمُومِ وِلَايَتِهِ مَعَ ضَعْفِهِ فَالسُّلْطَانُ نَائِبُهُ.
وَيَأْتِي ذَلِكَ التَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ، أَوْ بِعَدَمِ بَقَائِهَا فَالْقُضَاةُ نُوَّابُ السُّلْطَانِ لَا غَيْرُ.
(وَلَا) يَنْعَزِلُ (نَاظِرُ يَتِيمٍ) وَمَسْجِدٍ (وَوَقْفٍ بِمَوْتِ قَاضٍ) نَصَّبَهُمْ، وَكَذَا بِانْعِزَالِهِ؛ لِئَلَّا تَخْتَلَّ الْمَصَالِحُ، نَعَمْ لَوْ شُرِطَ النَّظَرُ لِحَاكِمِ الْمُسْلِمِينَ انْعَزَلَ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ بِتَوْلِيَةِ قَاضٍ جَدِيدٍ لِصَيْرُورَةِ النَّظَرِ إلَيْهِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: تَوْلِيَةَ الْخَلِيفَةِ إلَخْ) خَبَرُ قَوْلِهِ: الْعَادَةُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ نَائِبٌ) أَيْ: عَنْ الْخَلِيفَةِ كَقَاضِي الْإِقْلِيمِ.
(قَوْلُهُ: إذَا مَاتَ الْخَلِيفَةُ) أَيْ الْعَبَّاسِيِّ.
(قَوْلُهُ: قُضَاتُهُ) أَيْ قُضَاةُ نَائِبِهِ السُّلْطَانِ.
(قَوْلُهُ: وَجْهَانِ) أَيْ: وَالرَّاجِحُ أَنَّهَا لَا تَنْعَزِلُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَنْعَزِلُ قَاضٍ بِمَوْتِ الْإِمَامِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ، فَإِنْ قُلْنَا يَنْعَزِلُونَ أَيْ: عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ مَاتَ السُّلْطَانُ) أَيْ: مَاتَ الْخَلِيفَةُ أَوَّلًا.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ نَائِبٌ) أَيْ السُّلْطَانِ عَنْهُ أَيْ: الْخَلِيفَةِ الْإِمَامِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ الْإِذْنِ) أَيْ: إذْنِ الْخَلِيفَةِ فِي الِاسْتِخْلَافِ عَنْهُ أَيْ السُّلْطَانِ.
(قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ إلَخْ) أَيْ: مِنْ اخْتِلَافِ بَعْضِ مَشَايِخِهِ فِي بَقَاءِ خِلَافَةِ الْمُتَوَلِّي مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ بِطَرِيقِ الْعَهْدِ الْمُتَسَلْسِلِ فِيهِمْ إلَى قُرْبِ زَمَنِ الشَّارِحِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْنَا بِبَقَاءِ عُمُومِ وِلَايَتِهِ) تَقَدَّمَ هُنَاكَ أَنَّهُ بَاطِلٌ؛ إذْ لَا عِبْرَةَ بِعَهْدٍ غَيْرِ مُسْتَجْمِعٍ لِلشُّرُوطِ وَلَا نَظَرَ لِلضَّعْفِ وَزَوَالِ الشَّوْكَةِ؛ لِأَنَّ عُرُوضَهُمَا لِمَنْ صَحَّتْ وِلَايَتُهُ لَا يُبْطِلُهَا.
(قَوْلُهُ: أَوْ بِعَدَمِ بَقَائِهَا) تَقَدَّمَ هُنَاكَ أَنَّهُ هُوَ الْمُتَعَيَّنُ.
(قَوْلُهُ: نَصَبَهُمْ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ: وَلَا يُقْبَلُ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ: فَقَوْلُ شَارِحٍ فِي النِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ: انْعَزَلَ إلَخْ) أَيْ: كَمَا لَوْ شُرِطَ النَّظَرُ لِزَيْدٍ، ثُمَّ لِعَمْرٍو فَنَصَّبَ زَيْدٌ لِنَفْسِهِ نَائِبًا فِيهِ، ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ فَإِنَّهُ يَنْعَزِلُ نَائِبُهُ وَيَصِيرُ النَّظَرُ لِعَمْرٍو فَلْيُحْمَلْ إذًا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا إذَا آلَ النَّظَرُ إلَى الْقَاضِي لِكَوْنِ الْوَاقِفِ لَمْ يَشْرِطْ نَاظِرًا، أَوْ انْقَرَضَ مَنْ شَرَطَ لَهُ أَوْ خَرَجَ عَنْ الْأَهْلِيَّةِ قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ: وَيَقَعُ فِي كُتُبِ الْأَوْقَافِ كَثِيرًا فَإِذَا انْقَرَضَتْ الذُّرِّيَّةُ يَكُونُ النَّظَرُ فِيهِ لِحَاكِمِ الْمُسْلِمِينَ بِبَلَدِ كَذَا يُوَلِّيهِ مَنْ شَاءَ مِنْ نُقَبَائِهِ وَنُوَّابِهِ فَإِذَا آلَ النَّظَرُ إلَى قَاضٍ فَوَلَّى النَّظَرَ لِشَخْصٍ فَهَلْ يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ ذَلِكَ الْقَاضِي أَوْ انْعِزَالِهِ، أَوْ لَا؟ الْأَقْرَبُ عَدَمُ انْعِزَالِهِ. اهـ. مُغْنِي وَقَوْلُهُ: الْأَقْرَبُ إلَخْ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي الشَّارِحِ، وَالنِّهَايَةِ وَلِمَا ذَكَرَهُ هُوَ أَوَّلًا إلَّا أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ: لِحَاكِمِ الْمُسْلِمِينَ بِبَلَدِ كَذَا عَلَى حَاكِمٍ مُعَيَّنٍ بِشَخْصِهِ.
(وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ)، وَإِنْ كَانَ انْعِزَالُهُ بِالْعَمَى فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ (بَعْدَ انْعِزَالِهِ)، وَلَا قَوْلُ الْمُحَكَّمِ بَعْدَ مُفَارَقَةِ مَجْلِسِ حُكْمِهِ: (حَكَمْت بِكَذَا)؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَ الْحُكْمِ حِينَئِذٍ (فَإِنْ شَهِدَ) وَحْدَهُ (أَوْ مَعَ آخَرَ بِحُكْمِهِ لَمْ يُقْبَلْ عَلَى الصَّحِيحِ)؛ لِأَنَّهُ يَشْهَدُ بِفِعْلِ نَفْسِهِ.
وَفَارَقَ الْمُرْضِعَةَ بِأَنَّ فِعْلَهَا غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالْإِثْبَاتِ مَعَ أَنَّ شَهَادَتَهَا لَا تَتَضَمَّنُ تَزْكِيَةَ نَفْسِهَا بِخِلَافِ الْحَاكِمِ فِيهَا وَخَرَجَ بِحُكْمِهِ شَهَادَتُهُ بِإِقْرَارٍ صَدَرَ فِي مَجْلِسِهِ فَيُقْبَلُ جَزْمًا (أَوْ) شَهِدَ (بِحُكْمِ حَاكِمٍ جَائِزِ الْحُكْمِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَابُدَّ مِنْهُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ حَذْفَهُ مُوهِمٌ لِاحْتِمَالِهِ حَاكِمًا لَا يَجُوزُ حُكْمُهُ كَحَاكِمِ الشُّرْطَةِ مَثَلًا فَقَوْلُ شَارِحٍ: إنَّهُ تَأْكِيدٌ؛ إذْ الْحَاكِمُ هُوَ جَائِزُ الْحُكْمِ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْأَوْجَهُ مَا ذَكَرْته.
وَمَنْ عَبَّرَ بِقَاضٍ لَمْ يَحْتَجْ لِذَلِكَ، فَإِنْ قُلْت: سَيَأْتِي أَنَّ إطْلَاقَ الشَّاهِدِ لَا يَجُوزُ عَلَى مَا فِيهِ؛ لِأَنَّ مَذْهَبَ الْقَاضِي قَدْ يُخَالِفُ مَذْهَبَهُ فَكَيْفَ اكْتَفَى بِقَوْلِهِ هُنَا جَائِزِ الْحُكْمِ؟ قُلْت إنَّمَا لَمْ يَنْظُرُوا لِذَلِكَ هُنَا لِقِلَّةِ الْخِلَافِ فِيهِ (قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ الشَّهَادَةِ بِفِعْلِ نَفْسِهِ وَاحْتِمَالُ الْمُبْطِلِ لَا أَثَرَ لَهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ حُكْمُهُ لَمْ يَقْبَلْهُ.
وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ اشْتَرَى شَيْئًا فَغَصَبَهُ مِنْهُ غَاصِبٌ فَادَّعَى عَلَيْهِ بِهِ وَشَهِدَ لَهُ الْبَائِعُ بِالْمِلْكِ مُطْلَقًا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ عَلِمَ الْقَاضِي أَنَّهُ الْبَائِعُ لَهُ كَمَنْ رَأَى عَيْنًا فِي يَدِ شَخْصٍ يَتَصَرَّفُ فِيهَا تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بِالْمِلْكِ مُطْلَقًا، وَإِنْ عَلِمَ الْقَاضِي أَنَّهُ يَشْهَدُ بِظَاهِرِ الْيَدِ فَيَقْبَلُهُ، وَإِنْ كَانَ لَوْ صَرَّحَ بِهِ لَمْ يَقْبَلْ.
ثُمَّ رَأَيْت الْغَزِّيِّ نَظَرَ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ التُّهْمَةَ فِي مَسْأَلَةِ الْحُكْمِ أَقْوَى؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مَجْبُولٌ عَلَى تَرْوِيجِ حُكْمِهِ مَا أَمْكَنَهُ، بِخِلَافِ الْمَسْأَلَتَيْنِ الْآخِرَتَيْنِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ حُكْمُهُ لَمْ يَقْبَلْهُ) عَلَى هَذَا يَضُرُّ إضَافَةُ الْآخَرِ الْقَضَاءَ فِي شَهَادَتِهِ إلَى الْمَعْزُولِ بِخِلَافِهِ عَلَى الْقَبُولِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ احْتِمَالَيْ الرَّافِعِيِّ كَمَا أَوْضَحَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَغَيْرِهِ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ: وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَخْ) وَلَوْ قَالَ: صَرَفْت مَالَ الْوَقْفِ لِجِهَتِهِ، أَوْ عِمَارَتِهِ الَّتِي يَقْتَضِيهَا الْحَالُ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ انْعِزَالُهُ بِالْعَمَى) إطْلَاقُهُ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ: وَكَذَا لَوْ فَسَقَ، وَإِنْ قُيِّدَ مَا هُنَا بِذَلِكَ فَلْيُحْمَلْ قَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَالْأَسْنَى: نَعَمْ إنْ انْعَزَلَ بِالْعَمَى قُبِلَ مِنْهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَنْعَزِلُ بِالْعَمَى فِيمَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِبْصَارِ وَقَوْلُهُ: حَكَمْت عَلَيْك بِكَذَا لَا يُحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لِلْبُلْقِينِيِّ) نَقَرَهُ الْمُغْنِي، وَالْأَسْنَى كَمَا مَرَّ آنِفًا (قَوْلُ الْمَتْنِ حَكَمْت بِكَذَا) أَيْ: كُنْت حَكَمْت بِكَذَا لِفُلَانٍ مُغْنِي وَرَوْضٌ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَ الْحُكْمِ إلَخْ) أَيْ: فَلَا يَمْلِكُ الْإِقْرَارَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَحْدَهُ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ، أَوْ يَحْكُمُ حَاكِمٌ فِي الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَحْدَهُ) أَيْ: فِيمَا يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ، وَالْيَمِينِ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَفَارَقَ الْمُرْضِعَةَ) أَيْ: فِيمَا لَوْ شَهِدَتْ بِأَنَّهَا أَرْضَعَتْ وَلَمْ تُطَالِبْ بِأُجْرَةٍ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ فِعْلَهَا غَيْرُ مَقْصُودٍ) بَلْ الْمَقْصُودُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ التَّحْرِيمِ وَقَوْلُهُ مَعَ أَنَّ شَهَادَتَهَا إلَخْ وَجْهُهُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْإِرْضَاعِ حُصُولُ اللَّبَنِ فِي جَوْفِ الطِّفْلِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ التَّحْرِيمُ وَهَذَا الْمَعْنَى يَحْصُلُ بِإِرْضَاعِ فَاسِقَةٍ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: فَيُقْبَلُ إلَخْ)؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَإِنَّمَا يَشْهَدُ عَلَى إقْرَارٍ سَمِعَهُ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: فَقَوْلُ شَارِحٍ أَنَّهُ تَأْكِيدٌ) جَرَى عَلَيْهِ الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ عَبَّرَ بِقَاضٍ) أَيْ: بَدَلَ حَاكِمٍ لَمْ يَحْتَجْ لِذَلِكَ أَيْ: جَائِزِ الْحُكْمِ.
(قَوْلُهُ: عَلَى مَا فِيهِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا قُلْنَا لَا يُعْتَبَرُ تَعْيِينُ الْحَاكِمِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْحُكْمِ بَلْ يَكْفِي أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى حُكُومَةِ حَاكِمٍ مِنْ الْحُكَّامِ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ، أَمَّا إذَا قُلْنَا بِاشْتِرَاطِ التَّعْيِينِ فَلَا تُقْبَلُ قَطْعًا. اهـ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَذْهَبَ الْقَاضِي) أَيْ: الْمَرْفُوعِ إلَيْهِ الْأَمْرُ.
(قَوْلُهُ: مَذْهَبَهُ) أَيْ: الشَّاهِدِ.
(قَوْلُهُ: وَاحْتِمَالُ الْمُبْطِلِ) أَيْ: أَنَّهُ أَرَادَ حُكْمَهُ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ حُكْمُهُ إلَخْ) وَعَلَى هَذَا يَضُرُّ إضَافَةُ الْآخَرِ الْقَضَاءَ فِي شَهَادَتِهِ إلَى الْمَعْزُولِ بِخِلَافِهِ عَلَى الْقَبُولِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ احْتِمَالَيْ الرَّافِعِيِّ كَمَا أَوْضَحَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ. اهـ. سم وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ عَلَى الْقَبُولِ الَّذِي إلَخْ هَذَا مُنَافٍ لِمَا فِي الْمُغْنِي مِمَّا نَصُّهُ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي أَنَّهُ حُكْمُهُ، وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ جَزْمًا نَظَرًا لِبَقَاءِ التُّهْمَةِ. اهـ. فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى قَوْلِهِ: لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ حُكْمُهُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: بِدُونِ بَيَانِ سَبَبِ الْمِلْكِ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَسْأَلَتَيْنِ إلَخْ) الْأَوْلَى بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ.
(وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ قَبْلَ عَزْلِهِ: حَكَمْت بِكَذَا)، وَإِنْ قَالَ: بِعِلْمِي لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْإِنْشَاءِ حِينَئِذٍ حَتَّى لَوْ قَالَ: عَلَى سَبِيلِ الْحُكْمِ نِسَاءُ هَذِهِ الْقَرْيَةِ طَوَالِقُ مِنْ أَزْوَاجِهِنَّ قُبِلَ.
وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي مَحْصُورَاتٍ، وَإِلَّا فَهُوَ كَاذِبٌ مُجَازِفٌ وَفِي قَاضٍ مُجْتَهِدٍ وَلَوْ فِي مَذْهَبِ إمَامِهِ قَالَ: وَلَا رَيْبَ عِنْدِي فِي عَدَمِ نُفُوذِهِ مِنْ جَاهِلٍ، أَوْ فَاسِقٍ، وَقَدْ أَفْتَيْت بِوُجُوبِ بَيَانِ الْقَاضِي لِمُسْتَنَدِهِ إذَا سُئِلَ عَنْهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَظُنَّ مَا لَيْسَ بِمُسْتَنَدٍ مُسْتَنَدًا، وَأَفْتَى غَيْرُهُ بِأَنَّهُ لَوْ حَكَمَ بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ بِشَاهِدَيْنِ فَقَالَا: إنَّمَا شَهِدْنَا بِطَلَاقٍ مُقَيَّدٍ بِصِفَةٍ وَلَمْ تُوجَدْ، وَقَالَ: بَلْ أَطْلَقْتُمَا أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِي ذَلِكَ لِعِلْمِهِ وَدِيَانَتِهِ (فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ)، وَهُوَ خَارِجُ عَمَلِهِ لَا مَجْلِسِ حُكْمِهِ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِيهِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّ مُوَلِّيَهُ قَيَّدَ وِلَايَتَهُ بِذَلِكَ الْمَجْلِسِ (فَكَمَعْزُولٍ)؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَ الْحُكْمِ حِينَئِذٍ فَلَا يَنْفُذُ إقْرَارُهُ بِهِ.
وَأَخَذَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ إذَا وَلِيَ بِبَلَدٍ لَمْ يَتَنَاوَلْ مَزَارِعَهَا وَبَسَاتِينَهَا فَلَوْ زَوَّجَ، وَهُوَ بِأَحَدِهِمَا مَنْ هِيَ بِالْبَلَدِ أَوْ عَكْسَهُ لَمْ يَصِحَّ قِيلَ: وَفِيهِ نَظَرٌ. اهـ.
وَالنَّظَرُ وَاضِحٌ بَلْ الَّذِي يُتَّجَهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ قُبَيْلَ فَصْلِ جُنَّ قَاضٍ أَنَّهُ إنْ عُلِمَتْ عَادَةٌ بِتَبَعِيَّةٍ، أَوْ عَدَمِهَا حُكِمَ بِهَا، وَإِلَّا اُتُّجِهَ مَا ذَكَرَهُ؛ اقْتِصَارًا عَلَى مَا نَصَّ لَهُ عَلَيْهِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ كَمَعْزُولٍ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ مِنْهُ فِيهِ تَصَرُّفٌ اسْتَبَاحَهُ بِالْوِلَايَةِ كَإِيجَارِ وَقْفٍ نَظَرَهُ لِلْقَاضِي، وَبَيْعِ مَالِ يَتِيمٍ، وَتَقْرِيرٍ فِي وَظِيفَةٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ كَتَزْوِيجِ مَنْ لَيْسَتْ بِوِلَايَتِهِ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ قَبْلَ وُصُولِهِ لِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ مَنْ يَحْكُمُ بِهَا فَإِفْتَاءُ بَعْضِهِمْ بِصِحَّتِهِ بَعِيدٌ وَقَوْلُهُ: الِاسْتِخْلَافُ لَيْسَ حُكْمًا حَتَّى يَمْتَنِعَ بَلْ مُجَرَّدُ إذْنٍ فَهُوَ كَمُحْرِمٍ وَكَّلَ مَنْ يُزَوِّجُهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ، أَوْ أَطْلَقَ يُرَدُّ بِأَنَّهُ إذْنٌ اسْتَفَادَهُ بِالْوِلَايَةِ بِمَحَلٍّ مَخْصُوصٍ فَكَيْفَ يُعْتَدُّ مِنْهُ بِهِ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهِ؟ وَيُرَدُّ قِيَاسُهُ الْمَذْكُورُ بِأَنَّهُ لَيْسَ قِيَاسَ مَسْأَلَتِنَا؛ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ لَيْسَ مَمْنُوعًا إلَّا مِنْ الْمُبَاشَرَةِ بِنَفْسِهِ، وَالْقَاضِي قَبْلَ وُصُولِهِ لِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ لَمْ يَتَأَهَّلْ لِإِذْنٍ وَلَا حُكْمٍ وَإِنَّمَا قِيَاسُهُ أَنْ يُقَيَّدَ تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ بِبَلَدٍ فَلَيْسَ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِيهِ التَّوْكِيلُ، وَإِنْ جَوَّزْنَاهُ لَهُ بِالْإِذْنِ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ فِي غَيْرِهَا نَعَمْ إنْ اطَّرَدَتْ الْعَادَةُ بِاسْتِنَابَةِ الْمُتَوَلِّي قَبْلَ وُصُولِهِ وَعَلِمَ بِهَا مُنِيبُهُ لَمْ يَبْعُدْ الْجَوَازُ حِينَئِذٍ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ قَبْلَ عَزْلِهِ: حَكَمْت بِكَذَا إلَخْ) فِي التَّكْمِلَةِ فَرْعٌ إذَا ذَكَرَ الْحَاكِمَ أَنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا شَهِدَا عِنْدِي بِكَذَا وَأَنْكَرَ الشَّاهِدَانِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى إنْكَارِهِمَا، وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْحَاكِمِ هَذَا فِي غَيْرِ قَاضِي الضَّرُورَةِ م ر أَقُولُ: هَلْ يُشْكِلُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِنَا بَيْنَ السُّطُورِ: ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَاضِي ضَرُورَةٍ الْحَاكِمَ؟ غَيْرَ أَنَّهُ إنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمَا كَانَ إنْكَارُهُمَا بِمَنْزِلَةِ الرُّجُوعِ فِي أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُعْرَفُوا بِذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي فَتَاوِيهِ. اهـ.